responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 44
الْحَادِيَةُ عَشْرَةَ- قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ" أي صبر على الأذى و" غَفَرَ" أَيْ تَرَكَ الِانْتِصَارَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا فِيمَنْ ظَلَمَهُ مُسْلِمٌ. وَيُحْكَى أَنَّ رَجُلًا سَبَّ رَجُلًا فِي مَجْلِسِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَكَانَ الْمَسْبُوبُ يَكْظِمُ وَيَعْرَقُ فَيَمْسَحُ الْعَرَقَ، ثُمَّ قَامَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ، فَقَالَ الْحَسَنُ: عَقَلَهَا وَاللَّهِ! وَفَهِمَهَا إِذْ ضَيَّعَهَا الْجَاهِلُونَ. وَبِالْجُمْلَةِ الْعَفْوُ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، ثُمَّ قَدْ يَنْعَكِسُ الْأَمْرُ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَرْجِعُ تَرْكُ الْعَفْوِ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَذَلِكَ إِذَا احْتِيجَ إِلَى كَفِّ زِيَادَةِ الْبَغْيِ وَقَطْعِ مَادَّةِ الْأَذَى، وَعَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَنَّ زَيْنَبَ أَسْمَعَتْ [1] عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِحَضْرَتِهِ فَكَانَ يَنْهَاهَا فَلَا تَنْتَهِي، فَقَالَ لِعَائِشَةَ: (دُونَكِ فَانْتَصِرِي) خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ بِمَعْنَاهُ. وَقِيلَ:" صَبْرٌ" عَنِ الْمَعَاصِي وَسَتْرٌ عَلَى الْمَسَاوِئِ." إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" أَيْ مِنْ عَزَائِمِ اللَّهِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا. وَقِيلَ مِنْ عَزَائِمَ الصَّوَابِ الَّتِي وُفِّقَ لَهَا. وَذَكَرَ الْكَلْبِيُّ وَالْفَرَّاءُ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَعَ ثَلَاثِ آيَاتٍ قَبْلَهَا، وَقَدْ شَتَمَهُ بَعْضُ الْأَنْصَارِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ثُمَّ أَمْسَكَ. وَهِيَ الْمَدَنِيَّاتُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ. وَقِيلَ: هَذِهِ الْآيَاتُ فِي الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ هَذَا فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْقِتَالِ ثُمَّ نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ زَيْدٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ عَبَّاسٍ" وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ" يُرِيدُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَعُبَيْدَةَ وَعَلِيًّا وَجَمِيعَ الْمُهَاجِرِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ." فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ" يُرِيدُ حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَعُبَيْدَةَ وَعَلِيًّا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ." إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ" يُرِيدُ عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدَ بْنَ عُتْبَةَ وَأَبَا جَهْلٍ وَالْأَسْوَدَ، وَكُلَّ مَنْ قَاتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ." وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ" يُرِيدُ بِالظُّلْمِ وَالْكُفْرِ." أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ" يُرِيدُ وَجِيعٌ." وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ" يُرِيدُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ وَمُصْعَبَ بْنَ عُمَيْرٍ وَجَمِيعَ أَهْلِ بَدْرٍ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ." إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" حَيْثُ قَبِلُوا الفداء وصبروا على الأذى.

[سورة الشورى (42): آية 44]
وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ (44)

[1] في ل ز: شتمت.
نام کتاب : تفسير القرطبي نویسنده : القرطبي، شمس الدين    جلد : 16  صفحه : 44
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست